هل تساءلت يومًا عن مصير أطفال الروهينغا الذين حُرموا من حقهم الأساسي في التعليم بسبب التهجير والاضطهاد؟ هل تتساءل عن أحوالهم وطريقة دعمهم بعد انحسار التركيز الإعلامي حول قضيتهم؟ سنتناول في هذا المقال واقع لاجئي الروهينغا في ماليزيا، وسنركز على حقهم في التعليم الذي غالبًا ما يُنتزع منهم بسبب ظروفهم الصعبة. وسنسلط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه مؤسسة إيسكو (IESCO) والمؤسسات الأخرى في دعم هؤلاء اللاجئين وتمكينهم من مواصلة رحلتهم التعليمية.
من هم لاجئو الروهينغا؟
الروهينغا هم أقلية عرقية مسلمة تقطن ولاية راخين في ميانمار (بورما سابقًا). تعود جذور أزمتهم إلى عقود طويلة، حيث عانوا من التمييز والاضطهاد المنهجي من قبل الحكومة والجماعات المتطرفة، مما حرمهم من حقوقهم الأساسية كمواطنين.
تصاعدت الأزمة بشكل حاد في عام 2017، عندما شنت القوات المسلحة الميانمارية حملة عسكرية وحشية ضد الروهينغا، وصفتها الأمم المتحدة بأنها “تطهير عرقي”. تسببت هذه الحملة في مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف من الروهينغا، الذين فروا إلى الدول المجاورة، وخاصة بنغلاديش وماليزيا، بحثًا عن الأمان والحماية.
ويعتبر الروهينغا اليوم واحدة من أكبر مجموعات اللاجئين في العالم، حيث يقدر عددهم بأكثر من مليون شخص. يعيش معظمهم في مخيمات ممتلئة في بنغلاديش، ويعاني الكثير منهم من الفقر والمرض ونقص الخدمات الأساسية.
أين يعيش لاجئو الروهنجيا بعد تشريدهم من ميانمار؟
اضطر لاجئو الروهينغا للفرار من ميانمار بسبب الاضطهاد والعنف الممنهج الذي تعرضوا له. وقد وجدوا مأوى لهم في عدة دول، أهمها:
- بنغلاديش: تستضيف بنغلاديش العدد الأكبر من لاجئي الروهينغا، حيث يعيش مئات الآلاف منهم في مخيمات مكتظة في منطقة كوكس بازار.
- ماليزيا: تعتبر ماليزيا وجهة مهمة للروهينغا، حيث يقيم فيها أكثر من 100 ألف لاجئ مسجل، بالإضافة إلى عشرات الآلاف غير المسجلين.
- دول أخرى: يتواجد لاجئو الروهينغا أيضًا في دول أخرى مثل تايلاند وإندونيسيا والمملكة العربية السعودية والهند.
يصل الروهينغا إلى هذه البلدان بطرق مختلفة، إما عن طريق البحر في رحلات محفوفة بالمخاطر، أو عن طريق البر عبر الحدود. وغالبًا ما يعتمدون على شبكات التهريب التي تستغلهم وتعرضهم للخطر.
تحديات تواجه لاجئي الروهينغا في ماليزيا
تعتبر ماليزيا وجهة للعديد من لاجئي الروهينغا الباحثين عن حياة أفضل، ولكنهم يواجهون هناك تحديات كبيرة تحول دون تحقيق آمالهم. تتلخص هذه التحديات في جانبين رئيسيين:
التحديات القانونية:
يعاني الروهينغا في ماليزيا من وضع قانوني ضعيف، وذلك لأكثر من سبب
- عدم الاعتراف بهم كلاجئين، مما يحرمهم من الحقوق والحماية التي يكفلها القانون الدولي للاجئين.
- يعيشون كمهاجرين غير شرعيين، مما يعرضهم لخطر الاعتقال والترحيل المستمر.
- يواجه الروهينغا صعوبة بالغة في الحصول على تصاريح عمل وإقامة قانونية، مما يجعلهم عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من قبل أرباب العمل.
التحديات التعليمية:
- لا يسمح للاجئي الروهينغا بالالتحاق بالمدارس الحكومية الماليزية، مما يحرمهم من فرصة الحصول على تعليم رسمي ومعترف به.
- يضطر الروهينغا إلى الاعتماد على المدارس المجتمعية ومراكز التعلم غير الرسمية، والتي غالبًا ما تفتقر إلى الموارد والإمكانيات اللازمة لتوفير تعليم جيد.
- يعاني الروهينغا من نقص حاد في المعلمين المؤهلين، مما يؤثر سلبًا على جودة التعليم المقدم لأطفالهم.
- يشكل تعلم اللغة الماليزية عائقًا كبيرًا أمام الطلاب الروهينغا، حيث أن معظم المدارس والمراكز التعليمية تعتمد اللغة الماليزية كلغة تدريس أساسية.
- يعاني العديد من أطفال الروهينغا من صدمات نفسية نتيجة للعنف والاضطهاد الذي تعرضوا له في ميانمار، مما يؤثر على قدرتهم على التركيز والتعلم.
- يضطر العديد من أطفال الروهينغا إلى العمل لمساعدة أسرهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية، مما يحد من وقتهم وجهدهم المتاح للتعليم.
مبادرات إغاثية لتحسين واقع تعليم اللاجئين الروهنجيا في ماليزيا
في ظل الحرمان من التعليم النظامي، تبرز العديد من المبادرات الإغاثية التي تسعى جاهدة لتحسين واقع تعليم اللاجئين الروهينغا في ماليزيا، وتتنوع هذه المبادرات بين جهود مؤسساتية ومجتمعية:
- مراكز التعلم التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR): تقدم المفوضية دعمًا ماليًا ولوجستيًا لـ 128 مركزًا للتعليم في جميع أنحاء ماليزيا، تستهدف توفير التعليم الأساسي للأطفال الروهينغا.
- المدارس المجتمعية: هي مدارس غير رسمية أنشأها الروهينغا أنفسهم لتعليم أطفالهم. تعتمد هذه المدارس على متطوعين من الروهينغا والمجتمع الماليزي، وتقدم مناهج دراسية باللغتين الروهنجية والإنجليزية. ومن أبرز هذه المدارس:
- مدرسة Sekolah Komuniti Rohingya: تأسست هذه المدرسة قبل 10 سنوات في كوالالمبور، وتقدم التعليم الابتدائي وبعض التعليم ما قبل المدرسة لأطفال الروهينغا الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عامًا.
- معهد United Arakan Institute Malaysia: يقع هذا المعهد في ولاية سيلانجور، ويقدم التعليم الشامل للأطفال الروهينغا اليتامى أو الذين فقدوا أحد والديهم. بالإضافة إلى التعليم، يوفر المعهد الرعاية الصحية والوجبات والتدريب المهني للأطفال.
- برامج تعليمية أخرى: تقدم بعض المنظمات غير الحكومية برامج تعليمية غير رسمية أخرى، مثل برامج محو الأمية، وتعلم المهارات الحياتية، والتدريب المهني.
دور الجامعة الإسلامية في دعم طلاب الروهينغا
تعتبر الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا (IIUM) رائدة في دعم تعليم الروهينغا، حيث أطلقت مبادرات رائدة لتمكينهم أكاديميًا. وتشمل هذه المبادرات:
- برنامج خاص لقبول طلاب الروهينغا ويتيح هذا البرنامج فرصة الحصول على تعليم جامعي، حيث يوفر لهم مقاعد دراسية في مختلف التخصصات.
- تقدم الجامعة الإسلامية منحًا دراسية كاملة للطلاب الروهينغا، تشمل الرسوم الدراسية والتأمين الصحي والسكن والكتب والمواد الدراسية.
- توفر الجامعة لطلاب الروهينغا الدعم الأكاديمي اللازم، بما في ذلك الدروس الخصوصية وورش العمل والدورات التدريبية.
- تساعد الجامعة طلاب الروهينغا على التأقلم مع الحياة الجامعية والتغلب على الصعوبات التي يواجهونها.
- تنظم الجامعة دورات تدريبية للمعلمين الروهينغا لرفع كفاءتهم وتأهيلهم لتدريس أطفالهم.
كيف تساهم إيسكو في إغاثة الروهينغا بماليزيا
تركّز إيسكو على توفير منح دراسية للطلاب الدوليين، بمن فيهم الروهينغا، للدراسة في ماليزيا. هذه المنح الدراسية تساهم بشكل مباشر في دعم مجتمع الروهينغا من خلال تمكين الطلاب وتعزيز قدراتهم التعليمية والمهنية.
تُعتبر منحة إيسكو فرصة قيّمة لطلاب الروهينغا للدراسة في جامعات ماليزيا المتميزة. إليك أبرز مميزات المنحة:
- تغطي المنحة الرسوم الدراسية لعام دراسي واحد، مما يخفف العبء المالي عن الطلاب.
- تشمل المنحة مجموعة واسعة من التخصصات والبرامج الدراسية في مختلف المجالات.
- قد تقدم المنحة دعمًا ماليًا إضافيًا لتغطية نفقات المعيشة والتأمين الصحي.
- تتيح المنحة للطلاب فرصة التفاعل مع ثقافات مختلفة واكتساب خبرات قيمة تساهم في تطويرهم الشخصي والمهني.
لا يزال الطريق أمام دعم تعليم الروهينغا في ماليزيا محفوفًا بالتحديات، إلا أن بصيص الأمل يلوح في الأفق بفضل جهود المؤسسات الإنسانية مثل إيسكو، التي تسعى جاهدة لضمان حصول كل طفل لاجئ على حقه في التعليم، وتوفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة تمكنهم من بناء مستقبل أفضل لأنفسهم ولمجتمعاتهم.
اقرأ أيضا: أهم الجمعيات الخيرية والمؤسسات التعليمية غير الحكومية بماليزيا